٢٠٠٨-٠٩-٢٩

السلام مع الأخر


تبدأ القصة في فصول الكلية حين يُصر استاذنا -أدام الله عليه الصحة وطول العمر- أن نقضي ساعتين يوميا طوال برنامجنا العملي الممتد أربعة أيام أسبوعيا طوال العام الدراسي في نقاش في كل شئ وعن كل شئ
نبدأ بمشروع الدرس وننتهي بالأدب ... أو النقد ... أو التاريخ .... ثقافة وتجارب الأخرين
لم يكن بيننا طالب بلا رأي أو شخصية... تعلمنا كلمة أسمها الهوية لم نسمع عنها من قبل
اضطررنا -لمواجهة هذا الوضع الذي فرض علينا- إلي ممارسة القراءة فقط لتلافي الحرج أمام معلمنا ... فنحن بصراحة في كلية الفنون جئنا من بيوتنا لنلون ونلعب بالطين

أتذكر أول سؤال أجيب عليه خارج الدرس "إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا" صدق الله العظيم .... ما هي الأمانة؟ وأتذكر أني أول من رد بلا تفكير .... العقل
وساد صمت فأحمر وجهي ووددت لو أختفي من القاعة ... كانت إجابة صحيحة ولكنه أراد أن يسمح بصمتة لأخرين أن يضيفوا أي شئ ... كان ذلك من سنين طويلة... ولكنه منهج أختاره بذكاء خلق به مجموعة من أفضل الأفراد الذين أتشرف اليوم بكونهم زملائي

استعدت اليوم هذه الذكري لأن صديق عزيز يشكو من تسرع بعض الشباب بالرد في غير محله بل والمجادلة بغير حجة أو فهم حقيقي للأمور ...
قطعا الموقف يؤذي ويحبط ويفقد الأمل في تعاملات راقية مع الناس خاصة إن تكرر
هذا الأمر دعاني للتفكير في علاقة الفرد بالأخر ... وعن مقدار السلام الذي يبثة المرء في حواره مع الأخر
تساؤلات كثيرة عن معني الحوار وصلت بي في النهاية إلي أن الحوار القيم بين الناس اقترب من التلاشي
حيث يستبيح بعضنا إهدار طاقات الأخر بجهالة بدلا من استثمار الوقت والجهد في صقل النفس وإكتساب الثقة بها
كما يبذل البعض جهدا لاستفزاز مشاعر الأخر السلبية أو لإخراج شخص عن شعوره ... وبلا فائدة
ثم أسأل لماذا يصر بعضنا آن يقف عند موقف بعينه ويصر علي إنه مقياس لإثبات الذات؟
هل الناس تفتقد سلامها مع بعضها لأنها تفتقد سلامها النفسي أولا؟
وفي المقابل لماذا نسمح للبعض باستهلاك سلامنا النفسي وهو ما نبذل الكثير للحصول عليه؟

الجهل
الكِبر
العناد
الغرور
كلها أشياء تصور للبعض أنه من حقه استباحة الأخرين
مع أن كلنا قابلين للنقد وكلنا قابلين للتعلم بل والإصلاح أيضاً.. فقط حين نريد
الأمر ليس دينيا إنما سلوك وأخلاقيات مازالت موجوده لدي البعض ولكنها لم تعد ترسخ مثلما كانت بالأمس
تعلمت من طفولتي فضل الكبير ولذلك أري جرما في فكرة عدم احترام الأخر .. ورغم ذلك أصر علي أن يناديني أطفال العائلة والأصدقاء باسمي مجرد بلا ألقاب حيث أنه لا ضير أن نتعامل بندية في بعض الأوقات فيرتفعون إلي مكاني بسلم من الاحترام
علي جانب أخر لا أجد عيبا في أن أواجه المواقف بمنتهى القوة والعنف طالما بالمنطق والحجة ... والمجرب أن الموقف عادة ما ينتهي بسلام لا قطيعة ولا دماء سائلة علي وجه الطرفين
فعلي الشخص أن يعامل الناس تماما كما يحب أن يعاملوه... حكمة من زمن أكثر هدوءا وتطبيقها أصبح صعبا ولكنها لزاما علينا اليوم حتي نستطيع الاحتفاظ بالحد الأدني من الأخلاق
بعض الإنصات بدلا من الكلام ...
التأمل من وقت لآخر فيما جري وما يجري
إكتشاف الاجابات الصحيحه لأسئلتنا بجهد أنفسنا بدلا من الحصول عليها من الغير
أري قيمة الشخص تزيد حين يتعامل مع الناس بقدره الحقيقي فيكتسب احتراما علي ما فيه من قوة ويكتسب تعاطفا ومساندة علي ما به من نقص.
هكذا يأتي السلام الداخلي... من معرفة الإنسان لحجمه الحقيقي ... محايدا بلا غرور ... أو إحساس بالدونية
فلعل بعضا من السلام الداخلي يساعدنا علي التعامل بسلام مع الأخر .

في فترة من الفترات رفعت منظمة اليونيسكو وهي الجزء المختص بالتعليم والعلوم والثقافة التابع للأمم المتحدة شعار " السلام بين أيدينا" ... ربما يكون شعارا دوليا تقوم علي تنفيذه مؤسسات وحكومات ولكنه شعار يحتاج إلي ممارسة يومية علي مستوي الأفراد.

إلي صديقي ومن هم في مكانه... لا تحزن ممن يسيئون فهم في العاده يجهلون القيم الانسانية .. لا يعرفون أنفسهم فكيف يعرفون الأخرين.
....

٢٠٠٨-٠٩-٢٥

إلى أين ؟

إلى أين تنأين عن جاذبية شيءٍ مقدّرْ
يشدك قسرًا إليه؟

رويدك مَهْمَا تشبثت أنت بذيل القرار
ما من مفرْ

بأي جناحين أنت تطيرين هاربة منه

طيري كما شئت نحو أقاصي المدى

جناحاك من طينةِ الشمعِ
الشمسُ ملء الأقاصي وما من مفر

(فدوى طوقان)
1917 - 2003
....

٢٠٠٨-٠٩-٢٢

أساطير خاصة


حينما كنت أصغر بنات العائلة وأولاد الأعمام والأخوال إما مراهقين وإما في الجامعات كنت أنظر إليهم كل يوم جمعة حين نجتمع بأندهاش ... أشكال الملابس مختلفه وأنواع الموسيقي جديده .. هم مختلفين عني .. لأنهم كبار
ولكني معهم من باب الفضول .. أستمع واستمتع رغم أني لا أفهم أحيانا كثيرة
ألتقط من إبنه خالي منير .. شريطه الأول شبابيك أعطته لي كهدية .. وناس أخرين اسمهم البي جيز .. لا أفهم منهم شئ
من أبي تعلمت فيروز ومن زوج خالتي تعلمت فريق الأبا وداليدا
ومع خالي ألتقط بحيرة البجع والدانوب الأزرق شرائط يسجلها لي من اسطواناته الخاصه... وإلي فتره قريبة كانت تلك التسجيلات صالحه للاستماع
أما هذا فكان اكتشافي أنا وحدي لم يدلني عليه أحد .. ديميس روسوس .. هذا السمين الذي جاء ليغني تحت سفح الهرم بملابسه الغريبة أرتبطت في ذهني هيئتة من الملابس و اللحيه والشعر الطويل والعيون الحيه بصور القديسين
يقولون أنه مصري ... لأأاا ... هو سكندري مثلي.. أصله مثل أصلي
كنت في الثامنه تقريبا .. أحاول فهم طلاسم الأنجليزيه التي ينطقونها ولا أفلح .. يتكلمون بسرعة ... لم نتعلم تلك الكلمات في المدرسة .. حينها كان أبي مترجمي الخاص .. ولم يمل من ذلك ابدا
ديميس هذا الرجل لم يختفي من حياتي منذ ذلك اليوم رغم سيل الأغنيات الذي غزي فتره الثمانينات .. ورغم حبي لأغاني ما قبل السبعينات التي ظلت ترافقني طوال مرحله الجامعه كنوع من الهروب من إيهاب توفيق وحنان
الأن وبعد أن نساه الكثيرين وربما لم يسمع عنه أيضا الكثيرين حين أستمع إليه أحيانا تخرج دمعه من عيني تبحث عن بشر يتكلمون هذه اللغة المنقرضة
لغه جيل كان يعطي لكل شئ حقه .. وكان يعرف معني الكلمات


HEAVENLY VOICE
Demis Roussos
Born in Egypt 1946 to ethnic Greek parents, raised in Alexandria
Best Songs:
Follow me ... Stand by me ... Tell me you love me ....
My only fascination ... Ever and forever ...
With You … Good bye my love good bye …
& Far away my favorite

There's a lucky man who'll take you faraway
faraway, so very very faraway
he will come some day
To another land he'll take you faraway
faraway, so very very faraway
this will come they say
Nobody knows, who will share
all your love pure and fair
but in your eyes I can see
that someone will be me

http://www.youtube.com/watch?v=xKnH-gF16MI&feature=related

Sometimes i feel like a little girl aboard in a spaceship heading for distant places and our captain demis is leading the way for me.... Demis is a legend and will stay a legend


...

٢٠٠٨-٠٩-١٧

القلق السرى – من عذابات شهرذاد


القلق السرى - فوزية رشيد (البحرين) إصدار دار الهلال 2000

قرية وعشيرة وجبال وأشجار ونهر ونسمات من شاطئ البحر .... رجال ونساء شباب وعجائز .. شعائر وطقوس وتقاليد..

رواية نسائية المضمون من مجتمع لا يكاد يري أن للنساء صفه غير متعة الرجل, المرأة أرض وجدت لتحرث، وليس للعقل مكان إلا مع الحكيم.

نصوص عن تفاصيل وهواجس وتساؤلات المرأة من وجهة نظر المرأة، محاولة للدفاع عن بعض وجودها أمام المجتمع.هي نظرة في عالم الأرواح تخترق قناع الوجوة لتشرح ما لا نتوقعة من قلق داخل القلوب.

في البداية تمهد الكاتبة بفصول عن الأشخاص الأساسيين في حياة شهرزاد وبعض مما أثر في تكوينها فقط ليعتاد القارئ علي ألفاظها البليغة ولغتها المنمقة .. الصفحة الواحدة تحتاج لجهد في القراءة حيث يسيطر الخيال علي كل كلمة ويدخل بالقارئ إلي عالم أشبه بالأساطير.

بتقنية السارد تحكي الرواية شهرزاد الفتاه وهي أقرب لروح هائمة فوق رؤوس البشر تحاول أن تفهم أين هي ولأين هي.. ولن يعرف القارئ أبدا في أي مرحلة هي روح أم بشر تلك التي تتكلم .. هي تدرك صعوبة اكتشاف الاجابات فتأكلها الوحدة في الأوقات بين السرد والأخر.

تعلم إن ما يحكمها الريف والتقاليد .. حيث النواميس وضعت للنساء فقط
وجدها يعلمها أن تكون الأفضل لذلك فإن عذابها من المعرفة يؤلمه أحيانا

من البداية تسأل شهرزاد " هل الوجود يحمل معني لكم ومعنى أخر لنا, وهل التضاد يعني تضادا مفتعلا في قيمة كل منا؟ لماذا سادة وعبيد حتي بين متضادين من المفترض أن الطبيعة أوجدتهما هكذا ليتكاملا, لا ليسودأحدهما الأخر؟"

هذه الفتاة الموعودة بالحكمة منذ الصبا تعري كل من حولها الأب والأم والخالة والجد وشخوص سحرية وحقيقية كثيرة ونفسها قبلهم ... تري المواقف عاريه وواضحة بدون أي مسميات هي تبحث عن اجابتها الخاصة بطرقها الخاصة حول موضوع الحرية
لنا أن نري أنفسنا في أي حاله من شخوصها ونقترح المسمي الذي نريد

الأم والخالة هما تسترجعان حينما كانتا فتاه عاشت الصبا وأحبت ولم تنعم بمن تحب فترضي بقدرها وتتعايش مع ما قسمت لها به الدنيا, هما كل أم عربية بسيطة ليس لديها الوقت أو الطاقة للتفكير والتغيير ولن تتنازل عن الاعراف مهما كلفها ذلك من طاقة ووقت.. وكل خالة يموت زوجها وتتزوج غيره لتنعم ببعض الأمان في هذا العالم ولكن قدرها دائما غير ما تتمنى.

الأب يخرج بنفسه كل يوم في المساء إلي تلك الصفية التي تعيد إلية قوة الشباب ويقتل بين يديها كل يوم ليولد من جديد تعرف أنها تساوى أكثر من حضن ألف إمرأة معا – تقول له فى قوه: هنا شراب الألهة .. لن تجده إلا في فمى - ولكن لوجوده معها شرط أن لا تطمع في أن تكون زوجة هي المعشوقة للمتعة واللذة فقط والأخرى للولد.
تحاصره مرات بصراعات الأنثى " أنت يا شيخ مسعود لا تحبني إنما تحب الجسدالزائل .. إن كنت تحبنى تزوجنى واربطني بالأبناء" ومرات باللعب علي مأزق فحولته التى أقتربت من المغادرة "شبقك انتقل إلي أيها الشرير ... بت لاأعرف النوم دونك"
هذا الأب نفسه بحياته السرية لن يقبل أشياءأ أقل من ذلك بكثير فيما بعد.

الجد ... الشخص المحورى في حياة هذه الفتاة هو من علم عقلها قيمة وسحرالتفكير.. الوحيد الذي يسمعها في عالمها ويجيب تساؤلاتها .. لا أحد يعلم هل هو ساحر أم من أولياء الله أم ملك حارس ولا أحد يعرف تاريخة البشري بالكامل له تفاصيله الخاصة ونظرتة الثاقبة
يري الجد أن المرأة عاقلة بشكل أشمل .. عقلها في الحدس الرهيب والجامع الذي تملكه ... هذا الحدس الذى يشمل العقل والقلب معا .. المرئى واللامرئي.. ويخيف الرجل.

تقول عنه هاجر إحدي نساء الرحلة "الشيخ مبروك يستمد قوانينه من البصيرة... من تلك الوشائج الخاصة بكل ما حوله" وتقول "أنه لم يفتعل قط معي رجولته لأنه يدرك أن الرجولة الحقيقية تكمن في رقته وعذوبة مشاعره تجاه من يحب ... إنه نقيض ما أراه من رجوليات زائفة"

مع رحيل الجد تذبل شهرزاد وتترهل معالم وجهها ويسكن قلبها الفراغ, ولا تربطها بالحياة سوى بضعة أحلام وذكريات.

يحين وقت الفرار مما آلت إليه وتخرج شهرزاد من بيت الأهل تقطع المسافات بغرض البحث عن الجد الذي اختفي وهي تؤمن كل الايمان أنه مازال موجودا في مكان ما لم يمت كما يقولون... وهنا تبدأ مرحلة السحر في الرواية.

تستحضر في تجوالها شخصيات متعددة من رجال ونساء تخوض معهم حوارات تقدم فيها رؤيتها المتأملة لتصرفاتهم وردود أفعالهم .

تقطع الطريق عبر غابات وحقول ونهر لتجد نفسها في بيتها مع رجل يؤكد في كل وقت أنه زوجها وتري نفسها في حياة أخري لا تعلم كيف وصلت إليها.. تحارب هذا الوجود الجديد لها محاولة أخراج الأخري من مسلمة أن البيت والفراش بمتعته هما الأصل في الوجود فتقول لذاتها الأخري: "ألا ترين أنه يسحقك في ركن ضئيل بعد أن جعلك تتركين كل شئ خلفك .. أصبحت لا ترين في الحياة إلا سواه ولا مهنة لديك سوى انتظاره" ثم تترك ذاتها وترحل لتكمل الرحله.

تقابل حالات من الصخب وحالات من السكون .. نساء ورجال يرقصون بكل طاقاتهم.

يخرج لها نموذج الرجل بين الحين والأخر خلال رحلتها يحاورها ليجتذبها مره وبالغواية مره وليرشدها مره ... ولا تعرف له كينونة فهو شئ غريب وتتسأل هل هو كائن لبس جسدا أدميا ليراها .. أو هو بشر ممن يتمتعون بطاقات خارقة.

الغجر بحكايتهم العميقة يتعاملون مع كل اصوات الطبيعة الطير والشجر والريح كل له طقوس وكلمات... معهم طقوس الغواية والزواج متشابهين تمتد لساعات وسط دوائر من النار.

أشخاص يعيشون في انفلات مطلق ... لا يعرفون معنى التحريم كما تعرفه, الخير والشر ينبعان من احتياجاتهم واحتياجات المكان الذين يعيشون فيه... هم أحرار كرياح البراري.

قبيلة نساءها أكثر حرية وهيمنه ..ومملكة أعطت للمرأه حريتها كامله في العشق والاختيار. يتبعون حكمة القدماء "نحن ننصت هنا لصوت القلب .. متي تنبض الأرض بوجيبها وترتجف ارتجافتها المشرقة التي تدلنا كيف نقاوم الأمراض والشرور.. بوابات الحكمة الخفبة لا تنفتح هكذا ..إنها تعاليم الأجداد التي تنبض فينا ونتبعها لنصل مثلهم إلا حكمتنا.. هي ذات التعاليم التى عاشت فينا آلاف السنين وأثبتت جدواها لنا"

تصاحبها في مرحلة من الرحله عجوز تري معها نماذج من البشر... تري الرجل الذى يمر علي بيت إمرأة فيكتشف فروقا جسدية بينه وبينها فيختبر تلك الفروق دون أن يدري.

تري عن بعد المرأة التي ترتدي الملابس الزاهية وتلون وجهها بالالوان الفجه وتكتشف أنها تعطى جسدها لبعض الوقت ثم يترك الرجل لها بعض المال ويخرج.

تري المرأة التي جلست وحولها الكثير من الأطفال ترش فوقهم حليب أمومتها وتقرأ معهم تعاويذ حبها وحمايتها وليس معها رجل

وأخيرا تجلس واحدة في البيت معها رجل يحيط علي أطفاله بيديه ... وتسأل كم مر من العصور حتي تتكون هذه الصورة؟ فدائما المرأة وحيدة وكل ما يهم في هذا المكان هو استمرار النوع وبقاؤه

علي باب معبد كبير راهب يذكرها بالجد تقابله يسدل عليها من حكمته وصوفيته..تسأل معه "هل بإمكاننا أن نسيطر علي الصدفة .. الحظ .. القدر .. أم مصائرنا ذائبة في المطلق ترسم لنفسها حدودا خارج ما نتوقع وما نريد؟" ويجيب "حينما ندرك ما هو سراب نقترب أكثر من الحِكمة" ويعلمها أن العالم رغم ما به من تفاهة هو أيضا ما نمتحن به لذلك علينا من البداية أن نهجر كل ما هو زائف فرحلة الإنسان الحقيقة هي ما يسكن في العمق.

يظهر أخيرا في طريقها هذا الجد الذي خرجت للبحث عنه وتدور معه علي أماكن هي كل العالم .. صديقاته القديمات وحبيباته كلهن نماذج من نساء العالم وصلن لمرحله من الرضا والسكون جعلتهن قادرات علي اصدار الحِكم والاحكام.

ثم تصادف شخصية كاترين التي تحاول الوصول الى سكينتها الداخلية من خلال الرجل.. وتعبر عن توقها الى احتضان الرجل حتى الاختراق ولكن تدينه يعترض رغباتها هو يستنكر الرضوخ للشهوات ويعاقبها لأنها مجسدة للشهوات.
هي تهرب من ذاتها إليه ..لتؤكد بشكل ملتو أن الرجل للفكرة والمرأة للرجل مثلما يقال عادة وحين ينتهى الأمر بلا سكينة من خلاله فهي سوف تبحث عن صخب أعلي من صخب نفسها تهرب إليه.

مرة أخري تقابل ذاتها في كاترين وتقول أنها اختلست أحد وجوهها.

تسير المسافات لتجد نفسها مره أخري في بيتها هذه المره هناك الأولاد.. متلفعة هى بعباءة سوداء ونقاب اسود علي وجهها.. وثلاث نساء هن شريكات في هذا الرجل .. وكلام عن مبررات التعدد في حياة الرجل وجانب أخر من علاقات الرجال بالنساء هي تستنكر بشدة وتجادل ولكن كل شئ مباح وهو حق مقدس اكتسبه من السماء طالما بالحلال و الشرع

"أنت كرجل ماذا لو كنت ضعيفاً في طبيعتك الانسانية، لماذا يلزمك دائما صورة وهمية للقوة تتستر خلفها ألأن صورة الرجل المتداولة يجب أن تكون قوية ... أنا كامرأة أعيش ضعفي بشكل اعتيادي إنما قوتي هي التي يجب أن أداريها حتي أرضيكم معشر الرجال وهذا عكس ما يحدث لكم"

الشيخ يقول أنها ممسوسة .. والطبيب يقول أنها تعاني من فصام

وهي تري أنها طبيعية هو من يريدها أن تنتمي لعالم ليست منه.

"هي الأنثي الطريدة من جهل، الواقعة بين معلومين ومجهولين، يطاردها الفناء حتي وإن كانت حواسها جميعا في ذروة الصحوة، وتطاردها اللعنة الأبدية لأنها تجاسرت وقضمت التفاحة المحرمة"

أخيرا هي تقف لتواجه الأهل.. الكثير يتعاطف معها ولكن .. لابد من نهاية فقد غادرت العشيرة إلي عالم مجهول ولا يغسل هذا العار إلا الدم ..وها هي في النهاية يظهر لها الجد مرة أخري ليمسح الدم عن جبهتها ويمضيا ليكملا الطريق.

معظم الرواية عبارة عن وصف للوحات طبيعية عن أماكن وأشخاص بلغة صعبة ..تتخللها علاقات وحوارات فلسفية قيمة عن دور المرأة في التعرف على نفسها جيدا قبل أن تفترض في الأخرين معرفتها.

٢٠٠٨-٠٩-٠١

3 ليالي


الليلة الأولى
ليست كافية وصلة من البكاء الهستيرى في أخر يوم شاق لاستخراج كل الرعب وكل الألم من الوحدة واستبدالهما بسلام
لا الكلام ولا الكتابة أعتقد أنها قد يخلقان هذا السلام
ورغم أننا في أخر الليل إلا أن الوقت المتبقي من الأن وحتي الصباح هو طويل جدا هل السبب هو الساعة الشتويه؟ .. والنهار القصير .. هل هذا ما يزيد من هذه الكآبة ؟
ربما هذا النهار القصير هو علامه علي اقتراب الشتاء ذلك الذي يضخم احساسي بالوحدة
أم أنه الكتاب الذي أقراءة؟ .. بدايته مع بداية الحرب واناس مهجرين من قريتهم .. بلا عمل وبلا أمل
هل هي حالة المرض المفاجئ السخيف التي أصابتني ومنعتني من الخروج في إجازة أخر الأسبوع ؟
هل هو صديقي الذي يبتسم ويقول أنه تقئ كل ما كان يؤلمه وكل ما كان ضاغطا علي قلبه من هموم !!
لن أبحث عن أحد يمتلك من الطاقه والوقت ما يجعله يسمعني.. فلا أستطيع أن أتقيأ في وجه أحد
ولا أستطيع أن أنزل وحدي في تلك الساعة من الليل لأتنفس هواء البحر وألمس الماء الذي قد يشفي حالتي هذة بمنتهي البساطه
فقط أدعو ان تمر الساعات بسرعة ليأتي يوم جديد حيث الحركه والناس والزحام يأخذان جزءا من هذه الوحدة

الليله الثانية
كان النهار شاقا جدا .. كل موضوعات العمل المعلقة وكل مشاوير العائلة للتسوق حانت اليوم
هذا النهار القصير سخيف .. ليس هناك أجمل من ضوء النهار
خاصه أن السماء بلا قمر هذه الايام والليل معتم
الجميل أن الكتاب ليس كئيبا وليس مقبضا كما توقعت .. بل يتحول إلي حياة حقيقية وأشخاص يتحركون حولي
أتمني أن تبقي عيناي مفتوحة لأطول وقت حتي استطيع القراءة قدر المستطاع

الليله الثالثة
اليوم هو يوم غير عادي
عائلات تتسلم صدقات رمضان كما في كل عام
جمله أسمعها لأول مره في حياتي
لا نريد كيس البلح ... نريد كيس أرز إضافي
كيلو البلح الرخيص أي الشعبي من 8 إلي 10 جنيهات .. كيلو الأرز الشعبي ب 3.5 جنيه !!!
إذا كيف ؟؟ ولا تعليق
وصلني اليوم علي تليفوني أكثر من 30 رساله تهنئة بحلول شهر رمضان
(أي حوالي 5 كيلو أرز)
يا الله ... لا أعرف كيف سأنام وكل هؤلاء لم يكونوا يريدون البلح


...